المعاشات: قرار التقاعد ليس قراراً شخصياً لأنه يتعلق بمسار الأسرة في الحاضر والمستقبل
أبوظبي 15 مايو 2023: قالت الهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية بأنه ولما للمعاش التقاعدي من أثر في حياة المؤمن عليه وأسرته فإن قرار التقاعد لا يمكن وصفه بأنه قرار شخصي بحت يتم اتخاذه بمعزل عن التأثيرات المادية المحتملة على حياة المؤمن عليه وأسرته في الحاضر والمستقبل، مشيرة إلى أنه ينبغي على المؤمن عليه عند الرغبة في التقاعد التخطيط للحصول على أفضل المزايا التأمينية التي تتوفر له من خلال قانون المعاشات.
وأضافت الهيئة بأن هناك من يتخذ قرار التقاعد دون دراسة مستفيضة، ويكتشف لاحقاً مجانبة قراره الصواب ويبدأ في البحث عن حلول تتناسب مع وضعه قد يكون منها المطالبة بتعديل القوانين أو منحه معاشاً استثنائياً، في حين أنه لا يمكن تفصيل القوانين بما يتناسب مع كل حالة على حدة، أو منح الشخص معاشاً استثنائياً دون توافر الشروط المؤهلة لذلك؛ فالقوانين تراعي عند صياغتها تحقيق التوازن بين المصلحة العامة والخاصة، والتي توجب على الشخص المعرفة التامة بها والتأقلم معها، لأن عدم الإلمام بالقوانين لا يعفي من الالتزام بأحكامها.
وقالت الهيئة من الأمثلة على ذلك تسرع البعض في اتخاذ قرار التقاعد بمجرد إكمال العشرين عاماً في الخدمة دون بلوغ سن الخمسين ليكتشف فيما بعد ربط القانون مدة الخدمة ببلوغ سن الخمسين، وهنا إما يُلقي باللوم على القوانين، أو يبدأ المؤمن عليه في رحلة البحث عن فرصة عمل جديدة لسد الفراغ الناشئ عن فترة عدم استلام المعاش، ومن هذا المنطلق تدعو الهيئة المؤمن عليهم دائماً إلى اتخاذ القرارات بعد استشارة بسيطة من الهيئة باعتبارها جهة التخصص فربما تغير هذه الاستشارة مسار حياة المؤمن عليه المهنية.
وأكدت الهيئة أنه لا ينبغي أن يتخذ المؤمن عليه أي قرار يخص التقاعد بناء على ما قد يشاع على لسان البعض دون أن يكون له أصل من الصحة أو ما قد يُعتقد أنه تغييرات ستحدث في المستقبل دون سند واضح لهذه التقديرات، ولذا يجب أن يٌتخذ القرار الخاص بالتقاعد بناء على ما هو موجود بالفعل من قوانين.
كما لا ينبغي على المؤمن عليه أن يستقي أي معلومات تخص التقاعد سوى من جهات التقاعد نظراً لأنها جهات الاختصاص، لأن قوانين المعاشات لها طبيعتها الفنية التي قد يصعب على البعض فهمها دون شرح أو تفصيل، ولهذا وعلى سبيل المثال تقدم الهيئة ورشاً توعوية للمؤمن عليهم من أجل تقريب هذه القوانين إلى الأذهان وتطلب من المؤمن عليهم مراجعتها قبل اتخاذ أي قرارات مصيرية تتصل بالتقاعد.
ولفتت الهيئة إلى أن أنظمة المعاشات في العالم إما أنظمة تكافلية أو أنظمة محددة المدد والمنافع، وتطبق أغلب الدول العربية النظام التكافلي، الذي يتضامن فيه المؤمن عليهم مع بعضهم البعض من أجل تغطية منافعهم التأمينية، وترعى الدولة هذا النظام من خلال مؤسساتها وقوانينها التقاعدية التي تعزز هذا التكافلية، حيث تمتد مظلة الشمول إلى أفراد الاسرة بعد وفاة المؤمن عليه أو صاحب المعاش سواء كان رجلاً أو امرأة لعقود طويله بافتراض أنه لا يزال على قيد الحياة.
ونوهت الهيئة إلى أن استحقاق المعاش لأفراد الأسرة وفق هذا النظام هو حق مكتسب بنصوص قوانين التقاعد، لكن ما ليس مكتسباً هو قيمة هذا المعاش الذي يتحدد من خلال مدة اشتراك المؤمن عليه وفق القوانين والأحكام، فكلما زادت مدة اشتراك المؤمن عليه في التأمين كلما زاد معاشه التقاعدي، وكلما أصبح معاش المستحقين أفضل، والعكس صحيح.
ولذلك فإن قرار التقاعد لا ينبغي اتخاذه دون تجاهل لهذه الفكرة وهي أن القوانين وجدت لتؤمن حاضر الأسرة ومستقبلها وتحقق لها الاستقرار الاجتماعي وتحافظ على تماسكها باعتبار أنها اللبنة الأولى في بناء المجتمعات، والأسرة القوية المتماسكة هي سر من أسرار تقدم المجتمعات وازدهارها، وهذا توجه ينسجم تماما مع جهود دولة الإمارات التي تعتبر أن التأمين الاجتماعي إحدى الوسائل لحماية المواطنين، والحفاظ على كيان عائلاتهم ضد التغييرات الاجتماعية والاقتصادية في الحاضر والمستقبل.
ولأن دولة الإمارات تولي اهتمام كبير بالأسرة، منحت كل الرعاية لها وللطفولة والأمومة والقصر وغيرهم من الأشخاص العاجزين عن رعاية أنفسهم من المخاطر الطبيعية ومخاطر العمل كالمرض أو العجز أو الشيخوخة أو البطالة الإجبارية من خلال قوانين معاشات تتناسب مع تحقيق هذه الأهداف، وهنا تظهر أهمية المسؤولية المشتركة بين المؤمن عليه وصندوق التقاعد والتي تتحقق من خلال التزام كل طرف بمبادئ قوانين التقاعد وأهدافها.