استدعاني أحد مدراء الجهات الحكومية لمعالجة ظاهرة تأخير إنجاز المعاملات في المؤسسة ووجود بعض الظواهر السلبية التي يريد التخلص منها في المؤسسة، وقد أحيط جميع الموظفين علماً بتعيين مدير جديد سيشرف على الإدارات المعنية، فذهبت إلى الدوام لمدة ثلاث أيام  وأنا أجلس بين المتعاملين وأراقب الموظفين واكتشفت الخلل الموجود في المكان، وذهبت اليوم الرابع ليتفاجئ الجميع بأنني المتعامل الذين كان حاضرا بينهم لمدة 3 أيام هو المدير الجديد نفسه، فأخبرت الجميع بعقد اجتماع الساعة 2:30، وأغلقت أبواب المكان وجمعتهم في صالة المتعاملين، وقلت لهم ثلاث كلمات الموظف ثم الموظف ثم الموظف ثم المتعامل، ثم انصرفت وغادروا جميعا وهم في قمة الاندهاش، 

وفي اليوم ذهبت مبكراً ووقفت عند مدخل المؤسسة وعندما يأتي الموظف المتأخر ويهم بالدخول أستدعيه لحديث ودي والسؤال عن أحواله وبعدها اتركه يمارس عمله، وتكرر ذلك لمدة شهر، ومع الوقت بدأ الموظفون المتأخرين يشعرون بالحرج ويأتون باكراً دون أي توجيه أو تعميم.

أما الموظفين الذين يتأخرون في إنجاز المعاملات فقد وضعت صورة في ردهة خدمة المتعاملين صورة لأكثر الموظفين تنمراً مشيراً بأصبعه "تتحداني" وبدأ الجميع يتساءلون عن سر الصورة والكلمة، وعندما انتهى الشهر، عقدت معهم اجتماعاً وأخبرتهم أن الهدف من وضع اللوحة كان إجراء مسابقة للتحدي بين الموظفين لمعرفة أكثرهم إنتاجا خلال العمل، وقد ربح الجائزة الموظف صاحب الصورة لهذا الشهر مع أنه كان أقلهم إنتاجاً إلا أنه سعد بالمكافأة، وبعدها بدأ الموظفون في جذب المتعاملين عند البوابة وتراجع وقت الانتظار ليصل إلى الرقم صفر  وهو ما أذهل مدير المؤسسة ، وما أريد أن أؤكد عليه هنا هو الصبر وابتكار حلول غير تقليدية لمعالجة المشكلات والتريث في حلها وعدم استعجال النتائج ، فهذه الحلول قد تكون بطيئة لكنها أكيدة المفعول.

أقول لهم إن الدخول إلى مرحلة التقاعد دون التخطيط الجيد لهذه المرحلة قد يعرض الإنسان للمصاعب، لذا عليكم أن تمتلكوا خطة لما بعد التقاعد، يكون من أهم أسسها استثمار الوقت وتنظيمه بشكل مناسب بين أنواع عدة من النشاطات المختلفة التي يجب أن تشمل من وجهة نظري ممارسة عمل خاص وأنشطة تطوعية واجتماعية ورياضية وثقافية، بحيث تغطي هذه الأنشطة كافة جوانب الحياة التي تضمن للمتقاعد استقراراً نفسياً واجتماعياً وصحياً.